Saturday 24 September 2011

نطالب بالتدخل العسكري الدولي الآن

نطالب بالتدخل العسكري الدولي الآن

          لم يعد مهما أن نقول إن الثورة السورية تتعرض لخطر ماحق ، وهي كذلك بكل تأكيد . وليــس في ذلك أي  إستهتار بالثورة ، ولا إقلال من حجم التضحيات الهائلة التي ُبذلت حتى الآن . ولكن ما يجــري حاليا يمثل ما هو أخطر وأدهى بأضعاف مضاعفة . إن الشعب السوري بأسره مهدد في وجوده ومصيــره ، فالمجزرة الوحشية التي يرتكبها النظام المجرم ضد الشعب السوري منذ أكثر من ستة أشهر قـد حصـــــدت  أرواح ما يزيد عن خمسة آلاف مواطن أعزل ، منهم مئات الأطفال والنساء والشيوخ . وهناك أكثر من 20 ألف معتقل يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب البربري السادي . وعشرات الآلاف المفقــودين والمهجــريــــن والمصابين . إن زهرة شابات وشباب سورية يتعرضون للفناء المنظم المتواصل . والنظام المجرم ماض في حملته الوحشية دون أن يردعه رادع .
             في مواجهة هذه الأخطار الداهمة ، لم تعد تنفع الإدانات ولا العقوبات ولا التهديدات ، ولا قطـــع العلاقات الدبلوماسية ، ولا حتــى الحماية الدولية . فهذا النظام المجرم مستعد لإبــادة الشعب السوري بكامله عن أن يتخلى عن السلطة . وهو لا يفهم سوى لغة القوة ، ولن يردعه عن إجرامه سوى القوة المتفوقة وهذا يتطلب تدخل عسكري دولي حاسم . إن الحكومات العربية وجامعتها الهزيلة عاجزة عن أي فعل جدي ، هذا فيما إذا كانت لديها ، بداية ، الإرادة لمثل هذا الفعل ، وهو أمر مشكوك فيه كليا . ومجلس الأمن عاجز عــن إتخاذ أي قرار بوجود الفيتو الروسي المسلط عليه . تبقى الآمال معلقة  فقط على حلف الناتو .
          هذا بالطبع سيثير علينا عش الدبابير ، ولا يهمني على الإطلاق ماسيقوله زعران النظام وأبواقــــه المأجورة ، فلا شيء يخيف النظـام ويخيفهم سوى التدخــل العسكـري الـدولي . ولا يهمني كــذلك ما سيردده أصحاب العقـول المتخشبـة من القومجيين المجعجعين والمهوليـن من المؤامرة الكونيــة الإمبرياليـــة التــــي تستهدف إحتلال سورية وتمزيقها والإستيلاء على خيراتها ( فيما إذا بقي منها شيء لم تستول عليـه العائلــة المجرمة الفاسدة ) . ولكن يهمني جدا آراء بعض الشباب الوطني المخلص ، سواء داخل الوطن أو خارجه ، الذين يتخوفون من التدخل الخارجي وعواقبه المجهولة ، بل ويخونون من يطالب به ، ويلوحون بمــــا حدث في ليبيا . ويحذرون من تكرار التجربة على الأرض السورية .
          إذن فلننظر بإمعان إلى ذلك ، ولنرى عواقب التدخل الخارجي في ليبيا . لقـد إنتصر الشعب الليبــي الثائر ، وزال وإندثـر النظـام الديكتاتوري ، وهاهو القذافي وأبناءه وأعوانه مابين لاجيء شريد في الخــارج ومطارد رعديد في الداخل . صحيح أن الشعب الليبي دفع ثمنا باهظا لهذا النصر ، تمثل في إستشهاد أكثـــر من ثلاثين ألف مواطن ، وأضعاف أضعافهم من الجرحى والمصابين ، وخسائر مادية تقدر بمئات الملاييــن من الدولارات . لكن الصحيح أيضا أن هذا النصر ما كان ليتحقق لولا التخل العسكري لقوات حلف الناتـو . وكان بالإمكان أن تستمر المذبحة بحق الليبيين أشهرا عدة ، وربما سنوات . وبالتالي كانت الخسائر البشرية والمادية لتتجاوز كل توقع وتصور . وهاهي ليبيا اليوم موحدة ولم تقسم ، ومستقلة ولم تحتل ، وخيراتهــــــا عادت لأصحابها الشرعيين ولم تنهب ، كما نعب البوم الناعبون .
          لنرجع إلى " سورية يا حبيبتي " ولنسألكم أيها الوطنيون الغيورون ، إلى متى تريــدون أن تستمــر هـــــذه المذبحة المشينة  ؟ وكم مزيدا من الشهداء يلزم أن يسقط  حتى تقتنعون ؟ وهل أنهار الدمـــــــاء التي أغرقت شوارع سورية وميادينها رخيصة إلى هذا الحد ؟ ومتى تستيقظون من سباتكم العميق وترون الحقيقة الساطعة بأن ليس بالإمكان إنقاذ سورية من هذا الخطر الماحق سوى تدخل عسكري دولي حاسم ؟
          وليكن معلوما بأنه إذا إستمرت الأوضاع على ماهي عليه ، ولم يتدخل المجتمع الدولي ، ولم يتـــــم أي عمل عسكري حاسم لردع النظام المجرم ، فإن مصير سورية ومستقبلها سيتحدد بأحد إحتمالين ، يحـــار المرء فيهما أيهما أسوأ من الآخر . إما أن يفشل النظام في كبح جماح الثورة ، عندئذ يلجأ إلى البديـــل  الذي يحضره منذ الآن ، والمتمثل في دفع سورية إلى أتون وجحيم حرب أهليـة  طائفيــة لا تبقي ولا تذر ، يذهب ضحيتها مئـات الآلاف من البشر . أو إذا توقفـت الثورة أو فشلت لأي سبب من الأسباب ، لا سمح الله ، فإن النظـــــــام المجرم سيستغل ذلك ، ويشن حملة إعتقالات أنتقامية لا سابق لها ، وسينكل بالشعب الثائر تنكيلا لا مثيل لــــه ، وستدخل سورية في نفق مظلم من الإستبداد والإرهاب والفساد لا نهاية له .  فهل من عاقـــل وطني مخلص يرضى لسورية الحبيبة أحد هذين المصيرين الأسودين ؟
         لنقف جميعا في جبهـة واحدة موحدة ، ولنطالب المجتمع الدولي بالتدخل العسكري الآن ، ولنوجــــه الدعوة الملحة للناتو بأن يتصدى لهذه المهمة دون تأخير . حتى لو تم ذلك بقرار منفرد وخارج أطـار مجلس الأمن الدولي . مع التأكيد على عدم السماح لأي قوات برية أجنبية بالنزول على أرض الوطن . ولنأمـــل أن يلبي الناتو هذه الدعوة قبل فوات الأوان .

في 23/9/2011                                        العميد الركن المتقاعد  عقيل هاشم