Monday 26 September 2011

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة
أولا : في القمع الدموي الوحشي

إنتهج النظام السوري المجرم ، في مواجهته للثورة ، سياسة مركبة في أربعة محاورمتوازيـة تشتمل على : القمــع الدموي الوحشي ، والتضليل الإعلامي الكاذب ، وإدعاء الإصلاحات الوهميـة ، وإبداء الإستعداد للحوار مع المعارضة .
ونحاول في هذا المقال إلقاء الضوء على كافة جوانب المحور الأول المتمثل في سياسـة القمع الدموي الوحشي التي إتبعها النظام المجرم منذ الأيام الأولى لإندلاع الثورة وإستمر عليها ، بل فاقم فيها ، حتى هذه اللحظة دون أن يردعه رادع . كان من حصيلتها سقوط أكثر من ثلاثة آلاف شهيـــــد وعشرين ألف معتقل ومفقود ، وعشرات الألاف الآخرين من الجرحى والمعاقين والمهجرين .
وقد إعتمد النظام المجرم ، في البدء وحصريا ، على مـا يمكن تسميتهم بقــوات أو أجهـــــزة النخبــة ، المضمونة الولاء ، والتي تشتمل على :
- أجهزة الأمن الرئيسية الأربع : شعبة المخابرات العسكرية ، إدارة مخابرات القوى الجويــة ، إدارة أمن الدولة ( المخابرات العامة ) وشعبة الأمن السياسي ( التابعة شكليا لوزير الداخلية وفعليا للمجرم الأكبر رئيس النظام ) . ولاحقا إضطر النظام لإشراك عناصر من شعبة الأمن الجنائي ( التابعة فعليا لوزارة الداخلية ) والتي تنحصر مهمتها في التعامل مع المجرمين فقط من قتلة ولصوص ومهربيــن وتجارومروجي المخدرات وأمثالهم .
- قوات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة ( سرايا الدفاع سابقا ) والوحدات الخاصة .
- قوات الشبيحة ( والأفضل تسميتهم ب " قطعان الشبيحة " لأنهم يتصرفون كالحيوانات تماما ) التي تشكلت من بقايا أفراد من عائلة الأسد الذين عملوا سابقا في الإجرام والتهريب،وكان لهم ميناء خاص بهم على الساحل السوري . بعد أن تم تعزيزهم وتسليحهم وتنظيمهم من قبل السلطة الحالية .
وقد إضطر النظام المجرم لاحقا ، ونتيجة لإستمرار الثورة وإتساع رقعتها ، لإشراك كافــــة قوات وفرق الجيش النظامية في مواجهة الثورة ، بما في ذلك القوى الجوية والبحرية . وكان في ذلك بعض المخاطرة . ليس من منطلق أن هذه القوات مخصصة لحمايــة الوطن ، وللدفــاع عن الجبهــــة والحدود والأجواء والسواحل . وأن إستخدامها في غير مهمتها يعرض البلاد لخطرالعدوان الخارجي ذلك إن النظــــام المجرم يؤمن بأن عدوه الأول الذي يشكل التهديــد الوحيــد لوجوده ، لايوجــد فــــي الخارج ولا يتمثل في إسرائيل . بل يتوضع في الداخل ويتمثل بالشعب السوري الأعزل . إنما تكمـــن الخطورة من منطلق أن هذه القــوات غير مضمونة الولاء كليا ، وهذا يفسر كون معظم الإنشقاقــات قد حدثت فيها . و يتطلب ذلك بعض التوضيح .
فقد إستطاع النظام ، منذ عهد السفاح الأب ، أن يصبغ قوات النخبة الأمنية والعسكرية بطابعه الطائفي بشكل شبه كلي ، وبنسبة 90 % على الأقل . لكن ذلك كان متعذرا بالنسبة لباقي قطعــــــات القوات المسلحة النظامية . ذلك أن ذخيرتها البشرية الرئيسية تعتمد على نظام الخدمة الإلزاميــة الذي يعكس بكل دقة واقع ونسب التنوع السوري إثنيا وطائفيا . لذلك جرى التركيز على سلك الضبــــــاط في الجيش النظامي بشكل عام ، وعلى الوظائف القياديـة والحيوية فيه بالذات ، لتكون حكرا - قـــدر الإمكــان - على أبناء طائفة معينة بالذات .
بهذه القوى والوسائط والإمكانيات ، وبهذه البنية الطائفية ، يشن النظام المجرم حملته الدموية الوحشية ضد الشعب السوري الأعزل الثائر . ويستطيع المراقب الخبير لمجريات الأحداث على مدى الأشهر الستة الماضية أن يتبين ملامح الإستراتيجية القمعية التي يتبعها النظام المجرم ، والأســـاليب والطرق التي ينتهجها للقضاء على الثورة السورية :
1- يعتقد النظام أن القمع الدموي المتواصل ، دون قيود أو حدود ، هو السبيل الأول والأخير للقضـاء على الثورة والسيطرة على الأوضاع الأمنية . وأن كل ما عدا ذلك فهي مجرد عوامل مساعدة .
2- ويتضمن مفهوم القمع لدى النظام المجرم إستخدام الوسائل التالية : القتــل ، التدميروالتخريــب ، الإعتقالات ، التعذيب ، الترهيب والترويع ، ولا ندري إن كانت حوادث الإغتصاب قد تمت بشكل فردي أم بأوامر عليا لكي تضم إلى بقية اللائحة .
3- ينفذ القتل بشكل موجه ومسيطر عليه ويتم على نوعين : متعمد ويستهدف أشخاص معينين بالذات من النشطاء ، أو الذين يبرزون في قيادة المظاهرات ، أو يرفعون على الأكتاف ، أويخطبون فيها بالميكروفونات . ويتم هذا القتل بواسطة القناصة . وقتل عشوائي ينفذ دون تمييز ضد المتظاهرين أو خلال الإقتحامات والمداهمات . وعلى ما يبدو فإن النظـام المجرم قد وجه قادتـه الميدانيين لكي يكون قتلا مسيطرا عليه بحيث يتراوح عــدد القتلى في اليوم الواحد بين 25 و 50 ولا يزيــد بأي حال من الأحوال عن مئة . وليس في هذا أي شيء من الرحمـة أو الشفقـة ، بقدر ما هو خوف من من أن يخرج الأمر عن السيطرة ، وتحدث مجازر واسعة النطاق تؤدي إلى تدخل عسكري دولي فوري لايقدر على مواجهته .
4- تنفذ بشكل مخطط ومقصود عمليات تدمير وتخريب تشمل :
- قصف الأحياء والمنازل والمساجد ، وتخريب محتويايها من أثاث وموجودات .
- تدمير السيارات الخاصة والدراجات النارية ووسائط النقل العامة المملوكة لأفراد .
- قصف المحلات التجارية والمهنية ، وسرقة محتوياتها ، وتخريب باقي الموجودات المتعذر سرقتها
وتهدف هذه الأعمال البربريــة إلى الضغط على الثوار في لقمـة العيش ووسيلة الحيــاة . والسلطــة الباغية تعلم أن معظم الثائرين هم من عداد الطبقات الفقيرة وتحت المتوسطة . وتعلم قبل غيرها كم هو كبير تأثير هذا العمل الإجرامي على ذلك الفقير الذي كدح سنوات طويلة لكي يتمتع برؤية براد في منزله ، أو تلفزيون . وها هو يرى حماة الديار يدمرون ممتلكاته بالرصاص وأعقاب البنادق .
أما قيام مجرمي النظام بتدمير وحرق المؤسسات الحكومية ، ووسائط النقل العامة ، فهي جـزء مـن حملة التضليل المريعة ليبرر إتهام الثوار بالتخريب والإجرام .
5- تشن حملة إعتقالات واسعة النطاق في كل أرجاء سورية . ويقدر عدد الذين أعتقــلوا خلال شهور الثورة بأكثر من أربعين ألفـا ، لا يزال نصفهم تقريبا في سجون النظـــام . ولأن قدرة الإستيعـــاب لا تتحمل مثل هذا العدد ، فقد أستخدمت بعض المدارس والمنشئات الرياضية وأقبيــــــة المؤسسات الرسمية وغيرها كسجون مؤقتة ، وأماكن للتعذيب في نفس الوقت . وتستهدف الإعتقالات كل من يتظــاهر أو ينزل إلى الشارع . لكنها تركز على القادة الميدانيين والنشطاء وبعض رموز وقــــادة المعارضة . وتشمل الإعتقالات أعمارا بين العاشرة والثمانيــن ، ومن الجنسيـن ، وأشخاصــا مـن من مختلف مكونات الشعب السوري ،إثنيا وطائفيا . ويستفيد النظام من السلاح الإعلامي الفعــــال للثورة بشكل معكوس . فيحشد جيشــا من عناصر الأمن والمختصيـن بتكنولوجيــا المعلومـــــــات والإتصالات لتفحص الصور والفيديوهات والمقابلات التلفزيونية والتعرف على أسماء وأماكن وجود الشخصيات الفعالة في الثورة ، لكي يجري إعتقالهم فيما بعد . وشملت الإعتقالات كل من لديه قدرة مهنية أو فنية على تأمين نشاطات الثورة لوجستيا ، كالخطاطين وأصحاب محلات الطباعــة والنسخ والكمبيوتر وبائعي القماش الخام وصانعي أعلام الإستقلال السورية ذات النجوم الحمر الثلاث وكل من تثبت أنه قدم أدنى فائدة للثورة .
6- يمارس التعذيب الوحشي الهمجي في سجون النظام بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث في أي مكان من العالم . سواء من حيث النوع ( الفظاعة الرهيبة في الطرق والوسائل المتبعــــة ) ومن حيث الكم ( الأعداد الكبيرة للأشخاص الذين تعرضوا لهذه المعاملة الوحشية والتي زادت عن بضعة آلاف ) . وقد أودت عمليات التعذيب بحياة المئات من المعتقلين . وقد وثقت منظمة العفــــو الدولية ، المعروفة بمصداقيتها العالية ،88 حالة مؤكدة . ولا ينفذ التعذيب بهدف إنتزاع المعلومات فقط ، وإنما من منطلق الحقد والتشفي والإنتقام لذلك كانت الأظافر تقتلع ، والجلود تسلخ ، والأيادي والأقدام تبتر ، والرقاب تحز ، والحناجر تنتزع . وإنني لأشعر بالقهر والغضب والرعب وأنا أكتب عن هذا الهول ، فكيف أستطيع وصف مشاعر وأحاسيس أولئك الموجودين داخل سوريــة تحــــت تسلط آلة الرعب البربرية هذه .
7- وأخيرا يمارس النظام المجرم سياسة الترهيب والترويع تجاه الشعب بكامله ، حتى ضمن صفوف المؤيدين له ، لكي لا يخطر في بال أحد أن يفكر ، ولو في أحلامه ، بالخروج عن النظـــام . ولذلك تم تسريب العديد من الفيديوهات التي تفضح جرائمهم . وكذلك تم تسليم جثامين الكثير من الشهداء إلى ذويهم وعليها آثار تعذيب مريعة ، وكان بالإمكان دفنها في مقابر جماعية لكي لا يشاهدها أحد . لكن النظــام يعرف أنه لا يستطيع المغالاة في إنتهـاج هــــذا الأسلوب ، فقد ينعكس عليه ، لذلك تراه يلجــأ إليه بحرص شديد ، وبين وقــت وآخـر . لكي تبقـــى وحشية النظام ماثلة في الأذهان على الدوام .
وبعد فهذا ليس سوى غيض من فيض . وهل يستطيع مقـال أو كتــاب أو حتى مجــلدات أن ترقى بوصفها وتأثيرها إلى الإحاطة بكل جوانب حملة القمع الدموي الوحشي تلك التي يرتكبها هذا النظام
المجرم وزبانيته ضد الشعب السوري الأعزل ؟
عندما يزول النظام السوري المجرم ، وهو زائل لا محالة ، بإذن الله ، وتضحيات أبناء ه الثوار الأبطال ، لايذكر أحد أمامي مصطلحات مثل : المصالحة ...والمسامحة..... والعفو عند المقدرة..... وعفى الله عما مضى ..... ومثيلاتها . فقط أريد سماع جملة واحدة فقط : الحساب العسير الصارم . مصداقا لقوله تعالى : " ولكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب " صدق الله العلي العظيم .
إن كل يد ضربت مواطنا يجب أن تقطع ، وكل من أزهق روحا يجب أن يعدم ، أما أولئك المتربعين في قمة السلطة المجرمة ، وعلى الأخص ، السفاح الأكبر وشقيقه الأرذل فإني أترك للقاريء أن يتصور ماذا يجب أي أن ينزل بهما من قصاص عادل .

في 15/9/2011 العميد الركن المتقاعد عقيل هاشم

No comments: